تعتبر أجهزة الكمبيوتر العنصر الحاسم في تكنولوجيا المعلومات الحديثة.فقد ظلت ملازمة لنا منذ النصف الأخير من القرن العشرين. وقد تعلق علماء الآثار بتكنولوجيا المعلومات منذ بدايتها، مفتونون بإمكانياتها غير المحدودة.
تاريخيا، تطورت الحوسبة الآثارية ، لا سيما في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، من خلال المناهج الإحصائية في أواخر الخمسينات وبداية الستينات من القرن العشرين ، ولا تزال تحظى باهتمام كبير
خلافا لجوانب أخرى كثيرة من الآثار التي تنطوي على إجراءات متخصصة، مثل التي تتعلق بعلم الأمراض وقياسات العظام على سبيل المثال، نادرا ما توضع الأساليب الكمية في ملاحق التقرير الآثاري. في الوقت الحاضر، تعتبر الأساليب الكمية جزءا لا يتجزأ من المنهج الأركيولوجي بحيث انها لم تعد تظهر في الأدب الآثاري كأوراق بحثية مميزة ، وذلك ببساطة لأنه يتم نشر المزيد من المواد من هذا النوع، باعتبارها عناصر لا تتجزأ من الدراسات الإثارية العامة.
اذن اين يندرج مجال تكنولوجيا المعلومات في علم الآثار؟هل تكمن أهميتها في أنها يمكن أن تجعل من الأسهل والأرخص نشر المعلومات الآثارية التقليدية، أو ان حوسبة المعرفة الآثارية هي فرع او جزء من فرع في علم الآثار في حد ذاتها؟ هل لمجال تكنولوجيا المعلومات في علم الآثار اهدافها الخاصة وانجازاتها المعترف بها ، أم أنها مجرد أداة إضافية ذات صلة متساوية لجميع فروع علم الآثار؟
في الواقع، كل هذه المواقف صحيحة إلى حد أكبر ، اعتمادا على الخلفية الآثارية التقليدية لأي آثاري. فعلى سبيل المثال تكشف دراسة الحاسوب في علم الآثار في المملكة المتحدة عن أدلة تدعم كل هذه المواقف. حيث بدأ خبراء وهواة أساليب الحوسبة الآثارية عقد اجتماعات منتظمة في بريطانيا في أوائل السبعينات ، وعلى عكس الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تدرب علماء الآثار بشكل صحيح في أساليب كمية وفيرة على ما يبدو، واستخدام الأساليب الإحصائية والمحاكاة ،يقتصر ذلك الى حد كبير في الجانب الأكاديمي في بريطانيا. وقد بدا ان الأكاديميين في بريطانيا كانوا اكثرا استعداداً من المجموعات الآثارية الأخرى لاعتبار البحوث القائمة على الحاسوب كتخصص فرعي جاد، وحتى انه امكن تعزيز ذلك من خلال عقد اجتماعات خاصة ، وإنشاء الرسائل الإخبارية ( على سبيل المثال نشرة علوم الحاسوب الآثارية - Archaeological Computing Newsletter وعقد المؤتمرات الالكترونية الآثارية - Archaeological Information Exchange)، وتقديم الجوائز الخاصة والمنح، من خلال الهيئات واللجان المختلفة. بالتأكيد، هناك عدد متزايد من الإدارات التي يمكن فيها للافرادأن يتعلموا أو يطورا مهارات الآثار التي تعتمد على الكمبيوتر.
ومع ذلك، فلا يزال هناك فارق زمني بين بداية وعرض طرق الحوسبة الجديدة، واستخدامهم في الممارسة اليومية. في السنوات الأخيرة، تم اعتماد طرق قواعد البيانات، ودراسات الطبقية والتزامنية (seriation)في الوحدات الميدانية البريطانية بمعدلات مثيرة للإعجاب فعلى سبيل المثال اصبحت طرق الرسم ثنائي الابعاد (CAD/CADD): ونظم المعلومات الجغرافية (GIS) في رواج الآن.
كيف يتم استخدام تكنولوجيا المعلومات في علم الآثار؟
على مدى عقود أصبح علماء الآثار مستخدمين على نحو متزايد لتكنولوجيا المعلومات. وتميز جاينز (1987) فترة الستينات بانها تمثل سنين 'الاستكشاف' لحوسبة علم الآثار، وفترة السبعينات بعصر "التنفيذ"، والثمانيناتبعصر "الاستغلال". ويمكن وصف التسعينات بأنها عصر "المعلومات"، لأن غالبية البحوث انتقلت الآن إلى حد كبير إلى أحدث انوع التكنولوجيا المستخدمة في الرسم وقواعد البيانات والذكاء الاصطناعي.
مع ذلك حتى في اكثر الدول تطوراً لا تزال تكنولوجيا المعلومات في بداياتها بالنسبة لكثير من الفرق او البرامج ، واحياناً يتم تجاهلها تماماً ، وهي بعيدة البعد عن مراحل الاستكشاف والتنفيذ والاستغلال.
ان تكنولوجيا المعلومات ذات علاقة وثيقة بعلم الآثار لأنها تتوسط عدد وافر من الأنشطة المرتبطة بعلم الآثار وعلماء الآثار. ومن هنا، يمكننا أن نتحدث عن مجال التسجيل الإلكترونية والمختبرات الإلكترونية، والمكاتب الإلكترونية، والمحفوظاتالإلكترونية والبريد الالكترونيوالمؤتمرات الالكترونية والشبكات الإلكترونية والكتب الإلكترونية أو في استخدام المصطلحات الحالية، مثل المتاحف الذكية والمواقع الإلكترونية. التكنولوجيا المستخدمة هنا ليست سلبية بالضرورة. فأجهزة الكمبيوتر يمكنها اعتراض الأخطاء أثناء إدخال البيانات، وتحسن نوعية الصور الجوية. وعلاوة على ذلك، والتكنولوجيا أصبحت محمولة وثابتة ، وتمتلك الان أجهزة الكمبيوتر المحمولة معالجات هائلة. وقد تبين صمود الأجهزة الحديثة في وجه الظروف البيئية والمناخية في الصحارى والمناطق الاستوائية المطيرة، والغابات وفي القطب الشمالي. وقد تكون أكثر فعالية في بعض الحالات في دراسة التكوينات الآثارية عن بعد. على سبيل المثال، يمكن تعقب الاجزاء المدمرة من سور الصين العظيم من خلال صور الأقمار الصناعية.
احد اهم الانجازات هي إدخال تكنولوجيا المعلومات في علم الآثار من خلال جمع البيانات ميدانياً. فقد أدى تطور تكنولوجيا الرقائق الى استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمول في تسجيل البيانات في علم الآثار، رغم الحذر ضد قبولها دون تمحيص إلى مجموعة الأدوات المهنية المستخدمة ميدانياً. ويجب القول انه لا تستخدم أجهزة الكمبيوتر من قبل خبراء الكمبيوتر كبديل للمتخصصين، ولكن المتخصصين أنفسهم يتدربون على استخدام المعدات.
ان العديد من الأدوات التقليدية المستخدمة ميدانياً لها نظير رقمي. فقلم الرصاص له بديل كلوح رقمي ، ومع التطور الهائل في الاجهزة اللوحية اصبح استخدامها طبيعياً في الميدان. كما ان التقدم في التعرف على الكلام تجعل من المرجح أن يكون ادخال الصوت خيارا متاحا للجميع في المستقبل المنظور. ويعتبر التحول بعيدا عن لوحة المفاتيح لأشكال أخرى من انظمة الحاسوب تطوراً نحو مزيد من الحرية. فالذين يودون استخدام الصوت بدلاً عن الطباعة يمثلون مجموعة واضحة من المستفيدين من هذه التطورات.
تتقدم وسائل الانتاججنبا إلى جنب مع أساليب الإدخال. مكن تطوير أجهزة المنتجات (المخرجات) من تفعيل العلاقة القوية بين الإنسان والحاسوب لدرجة يمكن أن ينخدع الإنسان إلى الاعتقاد بأن يدخل الى العالم الالكتروني بما يسمى "الواقع الافتراضي". مما لا شك فيه، فالمحاكاة للحفريات التى يرتدي فيها المتدربون قفازات بيانات وخوذات بيانات قد يصبح امراً واقعاً في المستقبل.
استخدامات هامة:
• برامج معالجة الطبقات
• الرسومات الميدانية باستخدام التصميم الثنائي الابعاد (CAD) واعادة التركيب. الرسومات التخطيطية الرقمية واضافة البيانات الطبوغرافية
• تسجيل المواقع بطرق ثلاثية الأبعاد.
• اساليب المحاكاة.
الاجهزة المستخدمة:
• هناك العديد من الأجهزة المستخدمة من قبل علماء الآثار الميدانيين (مثل اجهزة بروتون المغناطيسية، والمقاومة المترية، والرادار وغيرها من معدات المسح الجيوفيزيائي، والكاميرات، وغيرها) والتى يتم فيها إخراج البيانات الخاصة بها في شكل رقمي.
• يمكن تسجيل القطع الآثارية في ثوان باستخدام كاميرات رقمية أو كاميرات الفيديو
• تستخدم الاجهزة الرقمية ثلاثية الأبعاد لتسجيل الزخرفة على الفخار أو انتاج الصور الظلية لتسجيل المدافن تحت التربة
• يستفيد المتخصصين الذين يعملون في المختبرات الآن من تكنولوجيا المعلومات في العديد من القياسات.
اهميتها:
• في جميع التطبيقات المذكورة، أثبتت تكنولوجيا المعلومات انها قد تكون أداة مفيدة. ففي المؤسسات الكبيرة والمعقدة، مثل إدارات التخطيط والمتاحف الكبيرة، والجامعات، وهلم جرا، تكون نظم المعلومات الفعالة ضرورية. وفي كثير من البلدان تكون المنظمات الآثارية جزء من مجموعات أكبر (مثل الجامعات)، لذلك تتعرض لضغوط لتكون فعالة ومتطلعة.
مشاكل:
• هذا التحول نحو تخزين المعلومات القائم على تكنولوجيا المعلومات وأساليب النشر، والتغييرات التي قد يترتب عليها، يرجع اليه جزئيا القصور في طرق التسجيل والنشر. فالنشر الآثاري في وضع حرج في معظم البلدان.ففي بعض الدول التي تكون فيها أعداد كبيرة من حفريات الانقاذ بسبب التنمية، تولد في المقابل أعداد كبيرة من المحفوظات والتقارير وهي مشكلة تواجه العديد من بلدان العالم.
• هناك اقتناع بمنافع تكنولوجيا المعلومات في الجمع والتجهيز ونشر البيانات والتفسيرات، مع ذلك ففي في بلدان العالم الثالث، تكون محدودة للغاية، لا تضم سوى عدد قليل جدا من المكتبات والمراكز الأكاديمية.
النشر:
• كان لظهور النشر الالكتروني في منتصف الثمانينات تأثير عميق على نشر المعلومات الآثارية. اليوم، يتم إنشاء العديد من التقارير والتي يتم تحديثها باستمرار في هذا المجال. وفي احيان كثيرة يتم اعداد تقارير الكترونية كل عام.
• تطور النشر في كتب الكترونية (E-Books) وأقراص مدمجة.